9 - خور الهمة: إن من لا يرى إلا الإخفاق ولا يفكر إلا بالخيبة، سينتهي حتماً ويتوقف عن كل نشاط وتتحول همته إلى الدناءات.
10 - يتصور أن الأمة كل الأمة مشغولة به وبإلحاق الضرر فيه وأن الناس يخططون لإيذائه، فيتخلق بالخلق السيء من الحقد والحسد والبغضاء، وحب الأذى للآخرين، والتخريب والغيرة.
11 - العزلة والإنطواء، والتعاظم في الباطن.
12 - يصبح صاحبه عبداً للخزعبلات والخرافات.
13 - نفق يقوده إلى الشرك بالله تعالى. قال ابن القيم: ( التطير هو التشاؤم من الشيء المرئي أو المسموع فإذا استعملها الإنسان فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم عليه فقد قرع باب الشرك، بل ولجه وبرىء من التوكل على الله وفتح على نفسه باب الخوف والتعلق بغير الله. والتطير مما يراه أو يسمعه، وذلك قاطع له عن مقام إياك نعبد وإياك نستعين، واعبده وتوكل عليه وإليه أنيب، فيصير قلبه متعلقاً بغير الله عبادة وتوكلاً فيفسد عليه قلبه وإيمانه ).
وحاله يبقى هدفاً لسهام الطيرة ويساق إليه من كل اوب ويقيض له الشيطان من ذلك ما يفسد عليه دينه ودنياه، وكم هلك
بذلك وخسر الدنيا والآخرة، فأين هذا من الفأل الصالح السار للقلوب، المؤيد للآمال، الفاتح باب الرجاء، المسكن للخوف، الرابط للجأش، الباعث على الاستعانة بالله والتوكل عليه،
والاستبشار المقوي لأمله السار لنفسه فهذا ضد الطيرة، فالفأل يفضي بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد، والطيرة تفضي بصاحبها إلى المعصية والشرك فلهذا استحب الفأل وأبطل الطيرة.
أسباب التشاؤم:
1 - عدم الرضا بقضاء الله وقدره. وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأنه لم يكن أكبر منه، فأنت تجد رجلين أصيبا بمصيبة واحدة أحدهما فرحاً
مسروراً، والآخر مغموماً مقهوراً محسوراً.
2 - عدم مشاهدة نعمة الله عليه في نفسه وأهله. روى الترمذي وابن ماجه عن عبيدالله بن محصن الأنصاري عن أبيه قال: قال رسول الله : { من أصبح منكم معافى في جسده آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا }.
3 - سوء الظن بالله جل وعلا. واعتراض على أمره وحكمه وحكمته، فيرى أن فلاناً أعطى مالا يستحق من المال والولد، وأنه أحق بهذا منه..
4 - جعل الدنيا أكبر همه.. روى الترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : { من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له }.
5 - النظر إلى من فوقه ومن فضل عليه: روى البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله قال: { إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه }. روى مسلم
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم }، قال أبو معاوية.. وهذا هو العلاج الناجح لهذه العقبة الخبيثة.
6 - سوء الظن بالآخرين وأنهم لا يستحقون ما حصلوا عليه فهم لا يفضلونه بشيء.
7 - الجهل وضعف العقل.
8 - ضعف الإيمان وقلة ذكر الله تعالى.
علاج التطير:
وقد شفى النبي أمته في الطيرة حيث سئل عنها فقال: { ذلك شيء يجده أحدكم فلا يصدقه }، وفي أثر آخر ( إذا تطيرت فلا ترجع
) أي امض لما قصدت له ولا يصدنك عنه الطيرة.
واعلم أن التطير إنما يضر من أشفق منه وخاف، وأما من لم يبال به ولم يعبأ به شيئاً لم يضره البتة ولاسيما إن قال عند رؤية ما يتطير به أو سماعه: ( اللهم لا طير إلا طيرك، ولاخير إلا خيرك، ولا إله غيرك، اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يذهب بالسيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك ).
فالطيرة باب من الشرك، وإلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته يكبر ويعظم شأنها على من أتبعها نفسه واشتغل بها وأكثر العناية بها. وتذهب وتضمحل عمن لم يلتفت إليها ولا ألغى إليها باله ولا شغل بها نفسه وفكره.
فأوضح رسول الله لأمته الأمر وبين لهم فساد الطيرة ليعلموا أن الله سبحانه لم يجعل له عليها علامة ولا فيها دلالة ولا نصبها سبباً لما يخافونه ويحذرونه، لتطمئن قلوبهم ولتسكن
نفوسهم إلى وحدانيته تعالى التي أرسل بها رسله وأنزل بها كتبه وخلق لأجلها السموات والأرض وعمر الدارين الجنة والنار، فبسبب التوحيد ومن أجله جعل الجنة دار التوحيد
وموجباته وحقوقه، والنار دار الشرك ولوازمه وموجباته، فقطع الرسول علق الشرك من قلوبهم لئلا يبقى فيها علقة منها ولا يتلبسوا بعمل من أعمال أهله البتة.
وقال الماوردي: ( ينبغي لمن مني بالتطير أن يصرف عن نفسه دواعي الخيبة وذرائع الحرمان، ولا يجعل للشيطان سلطاناً في نقض عزائمة، ومعارضة خالقه ويعلم أن قضاء الله تعالى عليه غالب، وإن رزقه له طالب، إلا أن الحركة سبب، فلا يثنيه عنها ما لا يضير مخلوقاً ولا يدفع مقدوراً، وليمض في عزائمه واثقاً بالله تعالى إن أعطى، وراضياً به إن منع ).
والله أعلم وصلى الله على نبيينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول